« هناك مسارح لها رهبة خاصة… وقرطاج واحد منها، بل هو أبرزها، مكان تاريخي ومدرج تاريخي… وكل فنان تتملّكه تلك الرهبة قبل الصعود على مسرح قرطاج، وكل فنان يغني على هذا الركح يعلو درجة في مسيرته الفنية… »
كانت هذه الكلمات هي أول ما قالته كارول سماحة خلال اللقاء الذي جمعها بالصحفيين مباشرة بعد عرضها ليلة الجمعة 09 أوت 2019 على ركح المسرح الروماني بقرطاج في إطار دورته الخامسة والخمسين، كانت في أوج سعادتها بنجاح الحفل وانبهارها بالجمهور الذي جاء من أجلها بأعداد كبيرة وتفاجأت بحفظه كل أغانيها…
عرض مليء بالحب والأمل والحياة والكثير من الفن سجلت فيه كارول سماحة عودة قوية لمهرجان قرطاج بعد غياب خمس سنوات « الله شو مشتاقة إلكن… » وكيف لا تكون كذلك وقد غصّت مدارج قرطاج بجمهور عاشق لهذه الفنانة الرقيقة خريجة مدرسة الرحابنة التي لا تقبل في صفوفها سوى أصوات قوية بمساحات متعدّدة وفنانين لهم حضور مدهش على الركح. وكيف لا تكون بتلك السعادة ومن بين الحضور عشاق من الجزائر والمغرب وليبيا ولبنان جاؤوا خصيصا لسماعها « العالم العربي مجتمع هنا على الحب والفن… أنتم شعب يستحق الفن والثقافة وكل الحب »
« هيدا يا عمري قدرنا… » بهذا الكوبيله من أغنية « اسمعني » أطلت على الجمهور خفيفة كنسمة وأنيقة كملكة يسبقها ترحيب كبير ارتفعت له الهواتف لتسجيل اللحظة… بعد هذا المذاق الأول انطلقت ضيفة قرطاج في الغناء محاطة بالأضواء « أمل » و »خاف عليّا » و »أضواء الشهرة » و »خليك بحالك » و » إن شالله » ـالتي سجلتها منذ شهر ونصف ـ و »ولا مرة واحدة » و » في الوقت الغلط » و »اطلّع في هيك » و »مجنونه » و »حلوة يا بلدي »… غنّت باللهجة اللبنانية والمصرية وغنّت باللغة الفرنسية للارا فابيان وبالإنجليزية لفريدي ميركوري وبالعامية التونسية ثلاث أغان للراحل الهادي الجويني « حبي يتبدّل يتجدّد » و »ليوم قالتلي زين الزين » و »أول مرة درباني »… غنّت كما لم تعن أبدا ورقصت على الركح بفستانها الزهري الفاتح كفراشة مزهوة بالأضواء « أنا واحدة طايرة من السعادة… ولمتنا الحلوة عايزة صورة…خذ أحلى صورة » كم كانت تشبهها هذه الحالة، فنانة حدودها السماء، ثابتة ومنطلقة متلوّنة في خياراتها تُطرب وتُمتع وقادرة على استدراج الجمهور للحالة التي تعبّر عنها في أغانيها دون عناء… صوتها هو صوتها سواء سمعته في « كليب » أو في « سي دي » أو مباشرة على الركح نفس القوة ونفس الصفاء…
حيّت كارول سماحة الشعب التونسي وتمنت له عيدا مباركا وحيّت فرقتها المتكونة من عشرة عازفين جاؤوا معها من لبنان وقائدها المايسترو محمود عيد وتمنّت السلام لروح الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي الذي أعطى لتونس الكثير من الحب والأمان…
بعد هذا الحفل الناجح فنيا وجماهيريا التقت كارول سماحة في الكواليس بممثلي وسائل الإعلام التونسية والأجنبية بابتسامة عريضة تكشف مدى رضاها عمّا قدمته منذ لحظات على ركح المسرح الروماني بقرطاج وكانت جاهزة للإجابة على كل الأسئلة برحابة صدر من بينها سؤال عن جواز السفر الذي دخلت به تونس اللبناني أم المصري بعد حصولها مؤخرا على الجنسية المصرية والذي أجابت عنه بأنها قبل كل شيء تحمل جنسية فنانة تحلم بالوحدة العربية على الصعيدين السياسي والإنساني.
وعن مسرح الرحابنة الذي انطلقت منه وابتعدت عنه وعن أسباب القطيعة نفت كارول سماحة وجود قطيعة مع الرحابنة كل ما في الأمر أن الفنان الكبير الراحل منصور الرحباني كان متأنيا في شغله حيث كان ينجز عملا ضخما كل أربع سنوات فانسحبت لتترك المجال لوجوه شابة مثل هبة طوجي صاحبة الصوت الرائع وكذلك لتشتغل على الربيرتوار الخاص بها وبذلك ربحت الكثير من الوقت وصار لها العديد من الأغاني تعاملت فيها مع مجموعة من أقدر الملحنين، وأضافت أن المسرح عشقها الأول وأنها تعتزّ كثيرا بتجربتها مع الرحابنة… « وعلى فكرة أنا راجعة قريبا للمسرح، أنا بصدد التحضيرلعمل مسرحي جديد » كما أعلنت كارول سماحة خلال اللقاء الصحفي الذي انتظم مساء الجمعة 09 أوت بعد العرض بأنها شاركت مؤخرا في شريط سينمائي لبناني جديد سيعرض في سبتمبر المقبل ستغني فيه من ألحان مروان خوري.