» أهيم بتونس الخضراء حبا فاق عن ظني .. هنا أصلي و ميلادي.. هنا أهلي هنا سكني » ، بكلمات عبد الوهاب محمد وألحان القيصر كاظم الساهر، غنت الفنانة لطيفة العرفاوي لتونس وللمرأة التونسية في عيدها الوطني مساء الأحد 13 أوت 2023 فهزّ صوتها المسرح الروماني بقرطاج في سهرة كان عنوانها الأبرز « نجاح جماهيري مستحق للطيفة العرفاوي في الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي « .
جمهور غفير جدّا تحول قبل ساعات وتكبد عناء الانتظار في طوابير طويلة للقاء فنانة تونسية طالما أمتعته بأغانيها طيلة عقود .. جمهور لم يكن من النساء فقط وإنما من الرجال أيضا الذين جاؤوا للاحتفال بنساء حياتهم في عيدهن.
أما ساحة المسرح الروماني فتزينت بمجموعة من الصور لطوابع بريدية تكرّم نساء تونسيّات تميّزن بتألقهنّ وريادتهنّ وإلهامهنّ للتونسيّات وغير التونسيّات عبر التاريخ في شتّى مجالات النّضال النّسوي وكان لهنّ أثر هام في تاريخ تونس، من بينهنّ الراحلتان المناضلة النسوية أحلام بالحاج وأول نقيبة للصحفيين التونسيين نجيبة الحمروني كما تضّمنت المجموعة لوحة للمخرجة السينمائيّة كوثر بن هنيّة والإذاعيّة علياء ببّو والجامعيّة ليليا بن سالم والثنائي زينة وعزيزة والفنانة حسيبة رشدي والممثلة فاطمة بن سعيدان ومطربة الجيل عُليّة والفنانة حبيبة مسيكة، وجاءت هذه البادرة من قبل وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في اطار المعرض الوطني للطوابع البريدية « تونسيات 2 » .
سهرة احتفالية واكبتها كل من الدكتورة حياة قطاط القرمازي وزيرة الشؤون الثقافية والسيدة آمال بالحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن وعديد الوجوه السياسية والفنية على غرار لمين النهدي ومحمد علي النهدي وآمنة فاخر ومحمد الجبالي وأحمد الرباعي وألفة بن رمضان وغيرهم ، ونشير الى أن الفنانة لطيفة العرفاوي تطوّعت لإحياء هذا الحفل الفنّي وتبرّعت بمائة ألف دينار لفائدة برنامج « صامدة » للتمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف والمهدّدات به ولبرنامج التمكين الاقتصادي لأمهات التلاميذ المهدّدين بالانقطاع المدرسي.
في تمام الساعة العاشرة مساء اشرأبت الأعناق الى العلم التونسي الذي رفرف في سماء قرطاج مرددة النشيد الوطني قبل أن تعتلي فرقة موسيقية وافرة العدد بقيادة المايسترو يوسف بالهاني، وعلى شاشة عملاقة عرضت مقتطفات من نجاحات لطيفة العرفاوي في حفلاتها السابقة اضافة الى فيديو كليبات وصور لها مع كبار الملحنين والفنانين وأبرز التتويجات التي تحصلت عليها كجائزة « وورلد ميوزيك أوورد ».. وتحت تصفيق حار من جمهور قرطاج، أطلت لطيفة في كامل أناقتها مرتدية فستانا بتصميم عالمي، ودون مقدمات غنت « في الكام يوم اللي فاتو » كلمات نادر عبد الله وألحان وليد سعد، أغنية تفاعل معها الجمهور الذي هتفت باسم لطيفة طيلة العرض، وبدورها لم تخف لطيفة العرفاوي فرحها بهذا النجاح الجماهيري حيث ردت التحية وتمنت الخير والاستقرار لتونس ولشعبها.
لطيفة العرفاوي التي ظلت طيلة عقود وفية لجمهورها وفنها وتأقلمت مع كل التجارب والألوان الفنية وحافظت على بصمتها وشعبيتها، أمتعت جمهور قرطاج بأغانيها المعروفة فتميزت في أغنية « الحومة العربي »، ومن ألبوم « أحلى حاجة فيا » غنت « بالعربي » كلمات ملاك عادل وألحان محمد راجح.
ومن المفاجآت التي أعدتها لطيفة العرفاوي في سهرتها استقبالها لكورال « سيدي سامي » حيث اعتلى الركح قرابة 30 طفلا وطفلة رافقوها في أداء أغنية « للشمس » من كلمات الشاعر ياسين الحمزاوي وألحان أمين قلصي اما الكوريغرافية فأشرفت عليها درّة عياد، ورافق هذه الأغنية فيديو على الشاشة العملاقة لأبرز النساء الرائدات في مختلف المجالات .
وفوجئت لطيفة العرفاوي أثناء حفلها بحضور عروسين (سهير وأيمن) اللذين لم يرغبا في تفويت حفل فنانتهما المفضلة والاحتفال بحفل زفافهما على طريقتهما الخاصة، وقد شكل دخول العروسين مفاجأة للفنانة لطيفة التي استقبلتهما بحفاوة وأهدتهما أغنية « يا ديني محلالي فرحو بالعوادة ».
لطيفة العرفاوي عادت بجمهورها إلى سنوات التسعينات، وقدمت له « بأحب في غرامك » و « كرهتك » و »يا سيدي مسي » و »ما ترحش بعيد » و »لما يجيبوا سرتك » و »ان شاء الله » و »يا غدّار » وبطلب وإلحاح من جمهور قرطاج غنت لطيفة العرفاوي « حبّك هادي » التي أصدرتها سنة 1993 وهي من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان زياد الطويل .
سهرة غنت فيها لطيفة باقة من أغانيها القديمة فكان عنوانها سهرة الحنين، ولعّل ما زاد في تفاعل الجمهور عرض «فيديو كليب» كلّ أغنيه لتترك لطيفة بذكائها المعهود الذكريات تتسلل الى مخيّلة جمهورها .
لطيفة العرفاوي كانت تلقائية وسخيّة مع جمهورها حيث استجابت لكل طلباته فغنت له بكل حبّ وهذا ليس بالغريب على فنانة في رصيدها أكثر من ثلاثين ألبوما وعشرات الأغنيات المنفردة، كتب ولحّن لها أبرز الأسماء في العالم العربي منهم عبد الوهاب محمد ونزار قباني وبليغ حمدي وسيّد مكاوي ومحمد الموجي وزياد الرحباني وعمار الشريعي وصلاح الشرنوبي وكاظم الساهر وغيرهم ممن آمنوا بها طيلة مشوارها الفني .
وقبل أن تختم سهرتها القرطاجنية بأغنية « أهيم بتونس الخضراء » متوشحة بالعلم التونسي، ألهبت لطيفة العرفاوي مدارج المسرح الروماني بأغنية « ردّ الباب وغرّب » التي رقصت وتمايلت على أنغامها .
وفي ختام هذه السهرة اعتلت السيّدة آمال بالحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن الركح وكرمت نجمة السهرة الفنانة التونسية جدا لطيفة العرفاوي، في مشهد استحضرنا اثره ما دونه يوما الشاعر الراحل الصغير أولاد حمد حين قال : « كتبت كتبت فلم يبق حرف .. وصفت وصفت فلم يبق وصف .. أقول إذن باختصار وأمضي… نساء بلادي نساء ونصف » .