سهرة 24 جويلية 2023 على المسرح الأثري بقرطاج كان عنوانها الأبرز سهرة الذكريات والحنين، سهرة عادت بنا الى أجمل وأشهر شارات الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية التي أبدع في تأليف موسيقاها الملحن والمنتج الموسيقي ربيع الزموري.
« نوستالجيا » رحلة موسيقية، سافر من خلالها جمهور الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي الى الزمن الجميل وروائع الدراما التونسية والموسيقى التصويرية التي وثقت لحياتنا طيلة العشرين سنة الماضية .
سفينة ربيع الزموري المحملة بالذكريات حطت رحالها على ركح قرطاج على تمام الساعة العاشرة مساء، ربانها المايسترو محمد بوسلامة، وعناصرها الأوركسترا السيمفوني التونسي، أوركسترا متكون من 80 فردا بين عازفين وكورال رحبوا بجمهور قرطاج من خلال عزفهم للنشيد الوطني الذي أعلن بداية « نوستالجيا » .
ولأن هذا العرض أراده ربيع الزموري تجميعا لموسيقاه التصويرية، فمن البديهي أن تكون البداية بأكثر لحن يحمل إمضاءه وراسخ في ذهن كل تونسي وكل مشاهد ونقصد جينيريك الأخبار، الذي عزفه الأوركسترا السيمفوني التونسي وتفاعل معه الجمهور، ولأن البداية كان بنشرة الأخبار اختار الزموري الصحفي ومقدم نشرة الثامنة اقبال الكلبوسي لتقديم عرضه » نوستالجيا » .
عرض « نوستالجيا » تزامن مع ليلة احتفال بلادنا بعيد الجمهورية 25 جويلية، وتكريما منه لروح شهداء المؤسسة الأمنية أهدى ربيع الزموري أغنية « نشيد الى أبطال تونس » من كلمات الشاعر علي اللواتي وأداء مهدي العياشي ودرصاف الحمداني وعبير دربال، الى روح كل شهداء الوطن، ورافقت الأغنية صور لبعض الشهداء الأبرار بريشة الرسام سهيل فخفاخ تم عرضها على شاشة عملاقة.
طيلة أكثر من ساعتين، روى لنا ربيع الزموري عبر موسيقاه حكايات أحيت ذاكرة الجمهور الحاضر وأعادت الى مخيلته لذّة أعمال درامية وسينمائية راسخة في الذاكرة، حيث عزف الأوركسترا السمفوني التونسي بداية السهرة شارات عديد الأفلام السينمائية والسلسلات الهزلية والأعمال الدرامية التونسية التي تحمل امضاء الملحن ربيع الزموري من بينها تيلي فيلم » طلاق انشاء » وفيلم « التلفزة جاية » للمنصف ذويب، و فيلم » الجايدة » للمخرجة سلمى بكار، وسلسلة « لوتيل » و »عند عزيز » اخراج صلاح الدين الصيد سيناريو حاتم بلحاج، ، وفيلم « قدر » لإيمان بن حسين وفيلم « الأمير » لمحمد زرن و »حكايات ابن حداد » للمخرج البحريني يوسف الكوهجي ..ولأن الموسيقى التصويرية هي ببساطة فنّ الإنصات الى الصورة وتحويلها الى نوتات موسيقية، كان لا بدّ من ارفاق نوتات ربيع الزموري بفيديوهات تسجيلية لأبرز شارات هذه الأعمال ومقتطفات منها تم عرضها عبر شاشات عملاقة مصاحبة للعرض .
« نوستالجيا » أو « حنين »، عرض شارك فيه ألمع نجوم الفن والدراما، البداية كانت بنجمي سلسلة « فرحة العمر » كوثر الباردي وجلال الدين السعدي اللذين أمتعا جمهور قرطاج بحوار طريف حول العلاقة الزوجية قبل أن يؤديا جينيرك السلسلة، وبروح شبابية قدّم نجم الراب الشاب حمزة الطرابلسي أغنية من فيلم « الأمير » لمحمد زرن، ومن السلسلات الهزلية التي حملت امضاء ربيع الزموري في الموسيقى التصويرية سلسلة « دار الخلاعة » التي أدى شارتها كل من مهدي العياشي وعبير دربال، قبل أن تعتلي الفنانة منال عمارة الركح وتؤدي جينيريك سيتكوم « شعبان في رمضان » لسلمى بكار، ولم تفوّت منال الفرصة لتعبر عن امتنانها لربيع الزموري الذي منحها فرصة الغناء لأول مرة في هذا العمل .
ومن فيلم « التلفزة جاية » تميزت الفنانة آمنة فاخر في أداء أغنية « يزي »، وتكريما لروح المخرج التونسي الكبير عبد القادر الجربي غنت عفاف عوني جينيريك مسلسل « من أيام مليحة »، قبل أن تتميز مريم جدو في عزف شارة مسلسل « كمنجة سلامة » مصحوبة بآلة الكمنجة.
هذا وعزف الأوركسترا السمفوني التونسي شارات عديد الأعمال الدرامية الليبية التي حملت امضاء ربيع الزموري في الموسيقى التصويرية وجلها من اخراج أسامة رزق وإنتاج وليد اللافي الذي لبى الدعوة وكان من بين الحضور، ومن هذه الأعمال نذكر « الزعيمان » و « زنقة الريح » و »روبيك » .
ومن مفاجآت « نوستالجيا » ربيع الزموري أداء الفنان الشاب أحمد الرباعي لأغنية « عرائس الطين » من كلمات المخرج النوري بوزيد وهي ثاني أغنية يكتبها بوزيد في مشواره الفني الحافل بإخراج عديد الأفلام السينمائية، كما تميز أحمد الرباعي في أداء جينيريك مسلسل « صيد الريم » حيث تفاعل معه جمهور قرطاج بشكل كبير وردد كلماتها كما طالبه بإعادتها.
نسق متسارع ومنتظم اتسم به عرض « نوستالجيا »، حيث توافد نجوم الفن الواحد تلو الآخر على ركح قرطاج ملبين دعوة ربيع الزموري، ومن بين الذين لبوا هذه الدعوة الفنانة الرقيقة لبنى نعمان التي أدت أغنية « عيشة حرّة » بأسلوبها المتميز والمتمرد على الركح، لبنى غنت ورقصت وشحنت حماس الجمهور، الذي تفاعل أيضا مع أداء الفنانة درصاف الحمداني لجينيريك مسلسل « يوميات إمرأة « ، ليكون مسك ختام « نوستالجيا » مع نجم الأغنية الشعبية وليد التونسي الذي أدى جينيريك مسلسل « ناعورة الهواء » وسلسلة » سبق الخير » وفي حركة لاقت استحسان الحضور، توجه وليد التونسي بعبارات المواساة والدعم لأهالي مدينة طبرقة بعد تضررهم جراء الحرائق الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة . حياتنا فيلم ، والموسيقى التي نحبها هي الموسيقى التصويرية لهذا الفيلم … « نوستالجيا ربيع الزموري » كان فرصة للعودة إلى الماضي بتفاصيله الجميلة والاستماع بحنين لموسيقى وثقت لحياتنا طيلة العشرين سنة الماضية.