بالشجن العراقي عميق الصدى الذي يتماشى مع خامة صوتها، اختارت الفنانة التونسية يسرا محنوش استهلال حفلها الفنى على الركح الروماني مساء الأربعاء 16 أوت ضمن فعاليات الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي، كان ذلك بأغنية « ميحانة » التي أحبها الجمهور العربي بصوتها وصنعت شهرتها زمن مشاركتها في برنامج المواهب « ذي فويس ». « ميحانة » كانت مسبوقة بموال برهنت من خلاله الخاصية التي تميّز صوتها وهو القادر على أداء كل الألوان والأنماط التونسية والشرقية والخليجية… وحتى الغربية.
أطلّت يسرا محنوش على جمهور ملأ كلّ مساحات مسرح قرطاج ـ بعدما أغلقت شبابيك التذاكرقبل تاريخ الحفل ـ مصحوبة بفرقة موسيقية متكاملة العناصر يقودها المايسترو عبد الباسط بلقايد، في حين كانت الشاشة الخلفية للركح تعرض أول ظهور لها في منوعة تونسية ينشطها الراحل نجيب الخطاب ولم تتجاوز حينها سنواتها الست علاوة على مقتطفات من أهم حفلاتها ولقاءاتها بكبار النجوم أهمهم الراحل الكبيروديع الصافي.
لم تخف نجمة قرطاج بهجتها بهذا الحضور الذي جاء برغبة لسماع صوت طربي أشاد به النقاد وكبار الفنانين، فلم تبخل عليه بكل ما تملك من قدرات وحرفية في الاداء فغنّت لأم كلثوم ووردة الجزائرية وعبد الحليم حافظ كما غنّت من إنتاجها الخاص « تونس المحروسة » و »خديجة » و »أنا طال صبري » و » يا روحي ويا دادة » و »يا جبل » وهي جينيريك المسلسل الدرامي التونسي « الجبل الاحمر »… وأغان أخرى بالعامية التونسية والمصرية كما أفردت مساحة خاصة من زمن الحفل لتأدية مجموعة من الأغاني الصوفية على غرار « يا بلحسن يا شاذلي » و »يا للا جيتك بدخيل » والسيدة النغارة » … وكانت بهذا المزيج اللحني تؤكد على تمكّنها وقدرتها على أداء كل الأنماط الموسيقية بداية من الموّال العراقي إلى الإنشاد الصوفي التونسي مرورا بالطرب الشرقي، أنماط لم تبوّبها في برنامج العرض بل كانت فقراته متداخلة، تتنقّل من الطبوع إلى المقامات بسرعة ودون عناء لتؤكّد مع كلّ أغنية قدرتها على التحكم في مساحاتها الصوتية الواسعة وتوجّهها كيفما شاءت، وهو أمر جعل جمهور قرطاج يدخل في حالة من النشوى و »التسلطن » وعبّر عن ذلك بتفاعله على امتداد زمن السهرة سواء بالغناء معها أو بالرقص وأحينا بطلب أغنيات معيّنة يحبّ سماعها.
يسرا محنوش قدّمت على ركح قرطاج سهرة فنيّة جمعت فيها عصارة سيرتها الفنيّة وهي وإن لم تكن طويلة إلا أن هذه الفنانة تكتبها ولا تزال بتأنّ وصبر وعزم على بلوغ مصاف كبار الفنانين بفضل ما لديها من موهبة وقدرات.
ممثلو وسائل الإعلام الذين التقوا يسرى محنوش إثر العرض وهنئوها بنجاحه جماهيريا ولاموها في نفس الوقت على تقصيرها في أداء إنتاجها الخاص فوضحت أنها قدمت حوالي تسع أغنيات من إنتاجها الخاص وكانت وفية لما طلبه منها الجمهور… جمهورها وأضافت أنها كانت تود أداء أغنية « je suis malade » للفنان الفرنسي سارج لاما إلا أن ضيق الوقت حال دون ذلك.
مع التذكير أن يسرا محنوش إلى جانب أداءها لكل الأنماط الموسيقية العربية فقد برعت في أداء أغان غربية في برنامجي « ذي فويس » و »سوبر ستار » وهو ما صنع لها اسما وصيتا لامعا في تونس وكامل الوطن العرب