مهرجان قرطاج الدولي 2022:
« لاباس » و »قناوة ديفيزيون » يغنيان للحب والسلام في سهرة مشتركة
لم يهدأ الجمهور ولم يصمت طيلة ما يناهز ثلاث ساعات وهو يهتز رقصا على إيقاعات المجموعتين الموسيقيتين « لاباس » و »قناوة ديفيزيون » من الجزائر، فهذه البرمجة، ليست موجهة للجمهور التونسي فحسب، وإنما أيضا تأخذ بعين الاعتبار الجمهور الجزائري الذي يحل بتونس صيفا للاصطياف.
وحضر الجمهور بأعداد مكثفة لاسيّما من فئة الشباب، ليلة الجمعة 5 أوت، حيث ظلّ يُردّد مع ‘لاباس » و »قناوة ديفيزيون » أشهر الأغاني التي عُرفت بها هاتين المجموعتين والتي حصد ملايين المشاهدات على اليوتيوب.
وكانت الإطلالة الأولى على الركح مع الفنان ناجم بويزول ومجموعته « لاباس » التي أسسها سنة 2004 في مقاطعة مونريال الكندية. وهذا الفنان الذي يعرّف نفسه بأنه فنان الشارع ، بهويته الموسيقية الحية والحرة، بدا متشبعا بجذوره الجزائرية وبرحلاته الواسعة، واستطاع أن يبتكر لمجموعته الموسيقية مسارًا فريدًا يتجاوز الحدود، من خلال أنماط موسيقية منفتحة على العالم، استوحاها من الثقافة الافريقية ومن نمط الحياة عند الغجر، فارتفع صوته عاليا مغنيا بعدة لغات منها اللهجة الجزائرية والعربية والإسبانية والفرنسية.
وأدّى بويزول باقة من أشهر أغانيه على غرار « dance me » و »مريومة » و »يا بابور اللوح » و »يا دنيا » و »الحقرة » و »cabo verde » و »سلام » وغيرها من الأغاني التي اهتزت على إيقاعاتها مدرجات المسرح الروماني بقرطاج.
وروي ناجم بويزول بتأثر شديد، في الندوة الصحفية التي تلت العرض، أن والدته كان لها الفضل الكبير في شهرته واقتحامه عالم الغناء، لذلك كان ألبومه الرابع « يما » الذي أطلقه منذ نحو سنة، تكريما لوالدته التي تعبت كثيرا من أجله وإخوته حتى يبلغوا مراتب أسمى في الحياة.
وعبّر عن سعادته بالصعود على ركح قرطاج، قائلا: « كنت في صغري أسمع أصداء جيدة عن مهرجان قرطاج وأنا سعيد لكوني اعتليت ركحه' ». وأضاف أيضا: « أهدي هذا التكريم الذي حظيت به من المهرجان لوالدتي التي لطالما كانت تتمنى حضور سهراته ».
وعن الموسيقى التي تبعث بها مجموعة « لاباس »، أفاد بويزول أن موسيقاه تعبّر عن الهوية والافريقية كما تعبر عن نمط الحياة الغجرية التي تلهمه كثيرا في كتابة الأغاني وتأليفها.
وبخصوص دعوته ابن موطنه الجزائري أمازيغ كاتب مؤسس « قناوة ديفيزيون » والفنان التونسي حليم يوسفي مؤسس مجموعة « قولتره صاوند سيستام » ليؤديا برفقته إحدى الأغاني على الركح، أجاب ناجم بويزول إنه يعرف حليم يوسفي منذ زمن طويل، قائلا: « هو صديق عزيز وفنان بحق وأنا سعيد له بنجاح عرضه فنيا وجماهيريا ».
» قناوة ديفيزيون » صوت المضطهدين
وأمنت مجموعة « قناوة ديفيزيون » بآلاتها الموسيقية المغاربية والافريقية النموذجية الأصلية كالشقاشق والطبول الجزء الثاني من السهرة، فردّدت عاليا باقة من أغانيها التي تدافع عن الحرية والحب والسلام، فهذه المجموعة تحمل رسائل قوية وطاقة موسيقية رهيبة فقد ملأت أرجاء المسرح الروماني بقرطاج بموسيقى استثنائية من خلال أداء أغاني من الثقافة الأمازيغية بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والأنقليزية وامتزجت فيها الأصوات الغنائية بآلات الموسيقى الالكترونية.
وصدح أمازيغ كاتب، مؤسس هذه المجموعة سنة 1992، بأغاني « سلام عليكم » التي استهل بها حفلته و »يا لايمي » و »ماليكا » و »روينا » التي أطلقها أثناء جائحة كوفيد و »صابرينا » و »نروحو لجمايكا ».
وتحدّث أمازيغ كاتب، في لقائه مع الصحفيين مباشرة بعد العرض، عن ظروف تأسيس « قناوة ديفيزيون »، قائلا إنها ولدت من رحم البطالة. ويضيف: « نعم لقد كنا عاطلون عن العمل لكن كان يجمعنا أيضا حبنا للموسيقى ».
ويروي أنه هاجر إلى فرنسا سنة 1988 وشعر بمرارة الغربة عن وطنه، فجاءت « قناوة ديفيزيون » سنة 1992 كتعبير عن حياة المغتربين عن الأوطان وهي التي لطالما عبّرت عن معاناة الأفارقة الذين يُساقون بالسلاسل إلى العبودية.
ويعتبر أمازيغ كاتب أن مجموعته هي بمثابة البلد الصغير الذي يجتمع فيه أفرادها لعزف إيقاعات القناوة والريغي والشعبي الجزائري.
أما بخصوص الهوية الموسيقية لهذه المجموعة، أفاد أن « قناوة ديفيزيون » هي مزيج من الأنماط الموسيقية التي تعبر عن الغربة وتطرح أيضا مواضيع ذات علاقة بالسياسة والمجتمع والحب والسلام والإنسان في مفهومه الكوني.