استطاع الفنان التونسي حسّان الدوس في ظرف سنوات معدودة أن يضع بصمة خاصة به في العديد من المسارح داخل البلاد أو خارجها، بعد أن اشتهر بأدائه الأوبرالي المتميّز وحضوره الركحي المتفرد.
والمثير في التينور حسان أنه لم يتوقف عند نمط موسيقي واحد، بل واظب على تطوير أسلوبه الغنائي وتنويعه، وهو ما تجلّى في عرضه المميّز الذي قدّمه في سهرة الثلاثاء 9 أوت على ركح قرطاج ضمن برمجة الدورة 56 لمهرجان قرطاج الدولي بحضور جمهور غفير اهتزّت على رقصاته مدرّجات المسرح الروماني.
وتُعدّ إطلالة هذا الفنان على ركح قرطاج بعرض « حسان الدوس وأوركسترا » هي الثانية له بعد عرض « الكرنفال » سنة 2018. ويظهر تفرّد الدوس بفنه في عدم توقّفه عند أسلوب موسيقي واحد، بل واظب على تطوير أدائه الغنائي وتنويع موسيقاه.
دام العرض حواليْ ساعتيْن، وتألف من مجموعة من الأغاني الخاصة بهذا الفنان الشاب الصاعد الذي اشتهر بأدائه الأوبرالي المتميّز وصوته ذي المساحات الواسعة.
وكان حسّان الدوس مرفوقا خلال العرض بجوقة موسيقية قادها المايسترو فادي بن عثمان. وقدّم لجمهوره 18 قطعة غنائية من ضمنها ثلاث أغان أوبيرالية، ومنها ما هو مستوحى من التراث التونسي أداها على إيقاع موسيقى البوب، مستلهما هذا التصوّر الفني من النجم العالمي الراحل « مايكل جاكسون » الذي تأثّر به وغنى له « Earth song » مع نهاية الحفل.
واختار الدوس استهلال عرضه بالأغاني الأوبيرالية، فأدّى للفنان الإيطالي » آندريا بوتشيلي » أغنيته الشهيرة » Con te partirò » وللفنان اليوناني » ديميس روسوس » أغنية « Quand je t’aime » ومن بين الأغاني الأخرى التي ردّدها رفقة الجمهور « عشقة » و »يا ولدي » و »قطوسة الرماد » ورائعته « بيدو خال » التي غنّاها على ألحان البيانو وتفاعل معها الحاضرون بإضاءة مصابيح هواتفهم الذكية، فتلألأت مدرّجات المسرح.
وشنف آذان الحاضرين بأغنية « يا ولدي » التي ألّف كلماتها رفقة والدته، وسجّلت حضورها في الصفوف الأمامية لتشجيعه، وأهداها إليها بالمناسبة وإلى كلّ الأمهات التونسيات. كما لم ينسَ الغناء للوطن وأهداه أغنية حملت عنوان « أحنا تونس »، إلى جانب تأدية مجموعة أخرى من أغانيه الخاصة على غرار « تبّعني » و »شطحة » و »هوّاه » و »عصفور سطح » التي أهداها للأستاذ أنور براهم.
وبلغ إيقاع العرض ذروته مع أغنية « طاير » التي أعاد أداءها في مناسبتين استجابة لرغبة الجمهور. وهي مقطع موسيقيّ يتغنّى فيه الدوس بتونس وبثقافتها وحضارتها الموغلة في التاريخ.
وبالإضافة إلى الغناء والموسيقى، بدا العرض فنيا متكاملا. وحاز على عناصر الفرجة من سينوغرافيا وأزياء، وجمع أيضا بين الكوريغرافيا والغناء. وقد وظّف حسّان الدوس بذلك طاقاته الأوبرالية بما هيّ فن يجمع بين الرقص والتمثيل والغناء. أمّا عن مضمون الأغاني فهي حبلى بمعاني الحرية والسلام والعدالة والتسامح بين الأديان وتفاعل الثقافات والحضارات.
وقال حسّان الدوس، خلال الندوة الصحفية التي تلت العرض مباشرة، إنه اختار أداء الأغاني باللغة العربية وفاءً للموروث التونسي، رغم أنه يجيد أداء الأغاني الأوبرالية، مضيفا أنه يطمح إلى العالمية.
كما أكّد أن جائحة كورونا تسبّبت في إلغاء عروضه بالخارج، مشيرا إلى أنه سيقدّم هذا العرض في فرنسا قريبا، وهو عرض غير مخصّص للتونسيين فقط بل هو لجميع الفرنسيين.
ويعتبر حسان الدوس من أجمل الأصوات الأوبرالية في تونس. وهو متحصل على الماجستير في الغناء العربي من المعهد العالي للموسيقى بتونس وشهادة الأستاذية في الغناء بجامعة الموسيقى والفن المسرحي بمنشن الألمانية.
ونال « جائزة شباب الأمل » في المناظرة العالمية للغناء الأوبرالي « فيفونا » بفرنسا. وشارك في العديد من التربصات والماستر كلاس للسوبرانو الأمريكية « سنتيا جاكوب » والباس الإيطالي « روناتو برونسن ». ولعب دور « دون بازيلو » في الأوبرا « الناتزا دي فيجارو » وذلك ضمن الإنتاج الصيفي بموموريون بفرنسا، ولعب كذلك دور الدوك « دو منتو » في الأبرا الفردي « رغولاتو ».