جمهور فسيفسائي، متنوع ومختلف، زيّن مدارج المسرح الروماني بقرطاج مساء الاربعاء 3 أوت 2022 في سهرة من سهرات الدورة السادسة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي .
ولأن عنوان الجزء الأول من هذه السهرة هو الفن الثائر والمتمرد، فمن الطبيعي ان يكون جمهورها استثنائيا في استقباله لفرقة « قولتراه ساوند سيستام »ّ، حيث اهتزت المدارج تصفيقا مع دخول عناصر الفرقة وعددهم تسعة يتقدمهم الفنان حليم اليوسفي حاضنا غيتارته.
بتمرده الموسيقي وأسلوبه المتفرد وحضوره المتوهج على الركح ، جعل حليم اليوسفي عرضه متميزا، وأثبت نضجه الفني وقدرته على شدّ الجمهور الذي شاركه الغناء ورقص على ايقاعات مختلفة امتزجت فيها الغيتار والكمنجة مع آلة الساكسفون لتتولد موسيقات متعددة من الريغي الى الفانك والجاز والأفروبيت .
وبسلاسة ومهارة كبيرتين وتحرك مدروس فوق الركح، انتقل حليم اليوسفي من أغنية الى أخرى دون ان يقلل من نسق عرضه، حيث غنى « قلوب الناس » و « مازال الخير » و »دادا عيشة » و »تجري » و « عالحيطّ » و « بلاد آخر زمان » و « طير الحمام » و »قولولي » و » آش تشوف »، قبل ان يشعل حماس الجمهور بأشهر أغاني فرقته ونقصد « وين » و »اللي تشالو »، لتعلو الايقاعات الصاخبة تصحبها الاضاءه بألوانها المتغيرة، هي لحظات من الجنون الفني عبر عنها حليم اليوسفي غناء وفرقته عزفا والجمهور تصفيقا وهتافا ورقصا .
« قولتراه ساوند سيستام »، اثبتت في سهرتها القرطاجنية انها ليست مجموعة موسيقية فحسب، بل هي حركة فنية تحاكي الواقع وتعكس هواجس شعب وتنقد المنظومة والنظام، هي الموسيقى التي تروي قصص الحب وتعرّج على حياة المظلومين وتترجم أحلام المهمشين، هي الموسيقى الرافضة للواقع المنادية بالتغيير والمسكونة بمعاني الحرية والانعتاق.
ونشير الى أن فرقة « قولتراه ساوند سيستام » تأسست سنة 2007 باجتماع ثلاثة عازفين هم المغني والعازف على آلة الغيتار حليم اليوسفي والعازف على آلة الكمنجة والمغني وسام الزّيادي والعازف على الآلات الإيقاعية مالك بن حليم، مع العلم ان الفرقة شهدت فترات انقطاع قبل أن تعود بقوة سنة 2019 لتؤسس لنفسها قاعدة جماهيرية مختلفة تؤمن برسالة الفن والموسيقى .
موسيقى راوحت بين الصخب والهدوء وكلمات عبرت عن الرفض والمقاومة وفنان جاب الركح بغيتاره متنقلا بين عناصر فرقته يمازحهم تارة ويتحدث مع جمهوره أخرى دون أن يتوقف عن الغناء، وعازفين يحاورون ويتغزلون بآلاتهم الموسيقية، هكذا جاءت توليفة عرض مجموعة « قولتراه ساوند سيستام » التي شدّت الجمهور الى الدقائق الأخيرة من مغادرة عناصرها الركح فاسحين المجال للفنان العالمي صاحب الأصول النيجيرية تشوكوكا إكوياني أو « سي كاي » كما يعرفه الجمهور العريض.
وقبل اعتلاء النيجري « سي كاي » الركح، تكفل ال »دي جي » المصاحب له برفع حماس الجمهور من خلال موسيقى واغاني ايقاعية، وماهي الا دقائق حتى أطل نجم السهرة بنظارته السوداء وملابسه البسيطة، وبعد تحية مقتضبة لجمهور قرطاج استهل الجزء المخصص له من السهرة باغنية « فلوني » قبل أن يغني آخر انتاجاته « ايمليان » التي حققت أكثر من 35 مليون مشاهدة منذ اصدارها في فيفري الفارط.
وبانتقاله من أغنية الى أخرى يزيد هتاف الجمهور، وترتفع الأصوات هاتفة باسم « سي كاي »، الذي لم يتردد في مصافحة البعض من الجالسين في الكراسي الأمامية والتقاط بعض صور السلفي، وبعد أدائه لأغنية « ايزابيلا » و »لا لا « ، ألهب مدارج المسرح الروماني بأغنية « لوف نواتيتي » التي تعد أغنية الحظّ بالنسبة اليه كما ساهمت في انتشاره عالميا وحولته الى ظاهرة موسيقية، أغنية تفاعل معها الحضور رقصا وغناء قبل أن يودعهم تشوكوكا إكوياني مع تمام منتصف الليل .
ويذكر أن أغنية « لوف نواتيتي » أنتجها » سي كاي » سنة 2019 وحققت الى حد اليوم أكثر من 290 مليون مشاهدة على اليوتيوب وتابعها قرابة 4.5 مليار مشاهد على منصة تيك توك، كما تمكن الفنان النيجيري بفضلها من ان يكون أول فنان أفريقي يتجاوز 20 مليون مستمع شهريًا على منصة « سبوتيفاي » .