مواجهة المسرح الروماني بقرطاج بجمهور كبير العدد ليس أمرا هينا بالنسبة إلى ممثل يواجه اتهامات شتى: لا يحمل تكوينا مسرحيا. لا تجربة له في المسرح. هو « نجم » في التلفزيون وله قاعدة شعبية كبيرة بفضل مسلسل تتضارب حوله المواقف والآراء.
جاء « نضال السعدي » إلى قرطاج ليلة الثلاثاء 06 أوت 2019 مثقلا بكل الاتهامات. فكيف سيتخلص منها؟
اهتدى « نضال » مع فريقه بقيادة « عزيز الجبالي » الذي ساهم في كتابة النص والإخراج إلى حيلة فنية تم من خلالها استحضار المسرح اليوناني باعتباره المرجع في الفن الرابع. لوحة أولى بكوميديا سوداء وشخصيات مسرحية تندد ببرمجة « نضال السعدي » في مهرجان قرطاج الدولي باعتباره من « العامة » ولا يحمل « تكوينا مسرحيا ». يساق « نضال » إلى الركح متسلسلا. يحتكم الحاكم الإغريقي إلى رأي الجمهور: هل يدان أو يتم العفو عنه؟ والجمهور ينصف « نضال السعدي » بالعفو عنه وينطلق العرض
« لا هكا la haka » هي سيرة « نضال السعدي » بمختلف المواقف التي واجهها بين نشأته في فرنسا وعودته إلى تونس. كيف سيتأقلم طفل العاشرة التونسي في فرنسا؟ وكيف سيكون شكل الحياة في تونس بعد سنوات إقامته في فرنسا؟
تحدث « نضال السعدي » عن لحظة تتويجه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان مراكش للفيلم الدولي عن فيلم « في عينيا » للمخرج « نجيب بالقاضي » وكيف بلغ به التأثر حد البكاء كالطفل. وكيف خففت « مونيكا بيلوتشي » عليه وقع اللحظة الاستثنائية في حياته.
الحصول على جائزة أفضل ممثل جعلت « نضال السعدي » يسبح بين النجوم. صار يتخيل أشياء كثيرة من بينها تفوقه على « ظافر العابدين » الذي أطل على ركح المسرح الروماني بقرطاج لحظة ذكر اسمه.
كان « ظافر » مفاجأة « نضال » التي تحدث عنها قبل عرضه. دعاه فلبى الدعوة رفقة عائلته واستقبله الجمهور بالتصفيق والهتاف
حياته بين تونس وفرنسا كانت مادته لتقديم « لا هكا la hakka ». تحدث عن دراسته في تونس، عن علاقته بوالدته التي ورث منها موهبة التمثيل. والدته لم تصعد على مسارح كبرى. لكنها كانت ممثلة بارعة في حياة أبنائها. فهي مثلا بارعة في ادعاء المرض كلما واجهت شقاوتهم
تحدث في عديد المواقف عن الفرق بين التونسي والفرنسي في تفاصيل حياته اليومية، في علاقته بالآخر: العائلة، في مؤسسة الزواج. تحدث عن المرأة التونسية وقوة شخصيتها. كان بارعا في تقمصه لشخصياته وفي انتقاله من شخصية إلى أخرى وفي استدراجه للجمهور في بعض الارتجالات
تحدث أيضا عن الإدارة التونسية، وكانت أكثر لحظات العرض قوة حديثه عن العنصرية في تونس بسبب اللون، متبوعا بلوحة رقص شارك فيها عدد من الراقصين يتقدمهم « نضال السعدي » الذي يحسن الرقص ببراعة
« لا هكا la hakka » عرض فرجوي استطاع من خلاله « نضال السعدي » استقطاب جمهور كبير العدد ملأ المسرح الروماني بقرطاج. هو امتحان أول تخطاه بنجاح لينطلق في اتجاه نحت مسيرته التي لا يراها بعيدا عن المسارح.