أمام شباك نفذت كل تذاكره منذ الصباح، وعلى مدارج غصّت بجمهور عشاق الراب والموسيقى الشبابية، أُضيئت أنوار مسرح قرطاج الأثري، واستعدّ الجمهور الغفير لاستقبال نجم سهرة الأحد 31 جويلية « بلطي » الذي اختارته الهيئة المديرة للدورة السادسة والخمسين ليعتلي الركح في إطار الحرص على تنوع برمجتها وتلبية الذائقة الفنية لأوسع قاعدة جماهيرية ممكنة.
بلطي اختار أن يهب شرف افتتاح السهرة لصديقه « كافون » واعتبرها بمثابة هديّة للجمهور واستحقاقا لفنان يراه جديرا بالغناء أمام هذا الجمهور وعلى هذا الركح… كافون استهلّ العرض بمجموعة من أغانيه واستقبلته مئات الأضواء المنبعثة من الهواتف المحمولة فبدت كما النجوم النازلة من سمائها لتزيد المدارج جمالا وألقا.
« نحب نقلّع » و »حوماني » و »مزاطيل » و »شق شق » و »مهبولة » و »انت وينك » غناها كافون مصحوبا بكورال يعدّ بالآلاف بنفس النسق واللحن، وكلّما انتقل من أغنية إلى أخرى يعلو الهتاف وتنطلق الحناجر… لقد كان استقبال الجمهور لكافون رائعا ومحترما إلى اللحظة الأخيرة من الفقرة الغنائية التي قدّمها ولم يكن يتوقّعها (الجمهور) وغادر الركح على إيقاع صاخب من التصفيق والتفاعل.
نزل بلطي من الدرج الذي شطر مساحة ركح قرطاج واستأنف الجمهور نشاطه بعد فاصل توزّعت خلاله مجموعة العازفين وراء آلاتهم، ومرّة أخرى يعلو الهتاف والغناء على المدارج والكراسي الأمامية ونادرا ما التزم واحد من الحضور بمكانه، كلّهم وقفوا على أهبة الاستعداد للتنفّس والانطلاق مع موسيقى نادرا ما تترك أحدا جامدا…
حفل بلطي بعث شعلة من الحيوية في كل أرجاء المسرح الأثري قدم أغان فردية على غرار « دوزة دوزة » و »والا لا لا » و »شافوني زوالي » و »كلاندستينو » و »أنا » و »جاي مالريف للعاصمة » و »ألو يا عمري » وأخرى ثنائية « غريب عليّ » مع الفنانة الفلسطينية المتألقة إليانا، هذا الديو الذي اكتسح السوشل ميديا والمنصات الرقمية وحصد ملايين المعجبين من كل أنحاء العالم كما أدّى مع حمودة « يا ليلي » وأغان أخرى مع نيقرو… كلها أغان حفظها الجمهور ورددها مع هذا الفنان الذي حطّم أرقاما قياسية من حيث عدد المتابعين على قناته الخاصة وحظي بمكانة نصّبته ملك الراب في تونس أولا وأهّلته بعد ذلك للعالمية خطوة بعد خطوة… ومن العناصر الأخرى التي صنعت جمالية لهذا الحفل هي مجموعة راقصي الراب الذين اعتلوا الركح وتماهوا مع الموسيقى من خلال لوحات رافقت بعض الأغاني المقترحة.
سهرة 31 جويلية على ركح قرطاج كانت استثنائية وإن كان عنوانها الكبير « بلطي » فإن بطلها كان هذا الجمهور الغفير الذي غصّ به الفضاء وزيّنه بحضوره وحفظه للأغاني بحيث مثّلا ثنائية متلازمة صنعت عنصر الفرجة والإبهار.
« قرطاج خطوة أخرى في مسيرتي، أعود إليه بعد آخر عرض جمعني بمجموعة من فناني الراب سنة 2015، قرطاج اسم كبير وأتمنى أن أكون وُفّقت في عرض اللية ووفّيت الجمهور حقّه »… بهذه العبارات عبّر بلطي عن انطباعاته خلال الندوة الصحفية التي انتظمت مباشرة بعد السهرة وذكّر بسلسة عروض قدّمها هذه الصائفة في عديد الجهات على غرار طبرقة وبنزرت… كما لم يخف سعادته بمشاركة صديقه كافون الذي اختاره ليكون جزءا من العرض لا مجرّد ضيف « شرف لي أن يكون كافون معي » وأردته أن يكون مفاجأة العرض وكذلك كان…
عن نوعية الموسيقى التي يقدّمها بلطي والتي بدأت تشهد تغيّرا جذريا وضّع أن ذلك كان من باب التوسّع والتنويع في هذا البحر الزاخر بالإيقاعات.
شريكته في الديو إليانا كانت حاضرة خلال الندوة الصحفية وأشارت أنها رغم مرورها القصير والاكتفاء بأغنية واحدة كانت سعيدة جدا ومنتشية بالوقوف على ركح بعراقة ركح قرطاج وتشعر بالامتنان لبلطي الذي منحها هذا الشرف، عن جديده في الأيام القادمة أجاب هذا الأخير أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لثلاث أغنيات خاصة ستصدر قريبا وإنتاجات موسيقية لفنانين اخرين…
بلطي كلّف من طرف وزارة السياحة بحملة ترويج لتونس قال أنها تأتي تحت عنوان « تونس ليك » وهدفها الترويج للسياحة الداخلية والسياحة الثقافية والتعريف بالمناطق الجميلة التي تملكها بلادنا من خلال تصويرها وإبراز جمالها، وهو بذلك يستغلّ المنصات الخاصة لمتاعيه الذين تجاوزوا المليارين.